إني أتّـهم...!

 

رسالة إلى الرأي العامّ العالمي

بقلم أحمد بن سعادة

 

ترجمة: علي ابراهيم

25/10/2023

 

 

السيدات والسادة في هذا العالم،

 

هل تسمحون لي، مع امتناني لاهتمامكم الكريم الذي تولونه لهذا النص، أن أتجشم عناء إخباركم أنّ إنسانيتكم مهددة بأكبر وصمة عار لا يمكن محوها؟

 

هنالك كيان اسمه "إسرائيل" يقوم بقرارٍ أحادي الجانب بإفناء شعبٍ أعزل بأكمله، هذا الكيان بمثابة الإهانة والشتيمة لكل حقيقة، ولكل عدالة. انتهى الأمر، لقد نالت البشرية بأسرها هذا الدنس على خدها، وسيكتب التاريخ أنه في زمنكم ارتكبت مثل هذه الجريمة الشنيعة.

 

وبما أنهم تجرؤوا، فسوف أجرؤ أنا أيضاً. سأقول الحقيقة، لأنني وعدت أن أقولها، إذا لم تقم العدالة، وهي المرتهنة بانتظام، بقولها كاملةً غير منقوصةً. واجبي هو أن أتكلم، ولا أريد أن أكون متواطئاً. إنّ شبح هؤلاء الأبرياء المسحوقين تحت الأنقاض، هؤلاء الآلاف من الأطفال والنساء الذين قُتلوا بوحشية سيطاردني في الليل.

 

ولكم، أيها السيدات والسادة في هذا العالم، سأصرخ بهذه الحقيقة بكل قوة ثورتي كرجلٍ شريف. من أجل شرفكم، سأميل إلى الاعتقاد أنكم تجهلون الأمر. ولمن غيركم سوف أستنكر الوقاحة الشريرة للجناة الحقيقيين، إن لم يكن لكم، أيها المواطنون الشرفاء في هذا العالم؟

 

إني أتهم هذا الكيان المسمى "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم جماعية وإبادة جماعية وفصل عنصري وتطهير عرقي؛

 

إني أتهم الدول الغربية التي يطلق عليها بالخطأً اسم "المجتمع الدولي" بالتواطؤ النشط في جميع جرائم الدولة الصهيونية؛

 

إني أتهم هذه الدول بأنها تصمّ آذاننا طوال اليوم بـمعزوفة "حقوق الإنسان" التي لا تنتهي، بينما تفقد الذاكرة فجأة عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين؛

 

إني أتهم هذه الدول بتصديع رؤوسنا بهذا المفهوم الكاذب المتمثل في "الحق في الحماية"  عندما يناسبها واستبداله بـ "الحق في القتل"  عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين؛

 

إني أتهم وسائل الإعلام الغربية بالعمل كجوقةٍ جماعية، وانتهاك القواعد الأخلاقية الأساسية، ونشر الأكاذيب، والتبعية العمياء للسياسات المؤيدة للصهيونية التي تنتهجها بلدانها، وبالتالي أتهمها بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين؛

 

إني أتهم منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، التي تقضي وقتها في النعيق ضد بعض البلدان المستهدفة، والتي تحظى بالدعم السخي من قبل الغرب، بعدم مساعدة الأشخاص المعرضين لخطر الإبادة؛

 

وأنا أتهم الإتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، وهو أداة أخرى من أدوات الغرب وحلف شمال الأطلسي، بالمسارعة إلى "معاقبة" بعض البلدان وغض الطرف بشكلٍ جبان عندما يتعلق الأمر بالدولة العبرية؛

 

إني أتهم الأمم المتحدة بأنها ليست أكثر من "أداةٍ" مبتذلة لا تعمل سوى كمنبر للثرثرة العقيمة التي لا نهاية لها. إذا لم تكن هذه المؤسسة قادرة على وضع حدٍّ سريع للإبادة الجماعية في وضح النهار، فليس لها الحق في الوجود؛

 

وأتهم الدول العربية التي "طبّعت" علاقاتها مع الكيان الصهيوني الهمجي، ببيع أرواحها بثمنٍ بخس للتوحش وبالتضحية بقضية الشعب الفلسطيني العادلة.

 

ليس لدي سوى شغف واحد، وهو النور، باسم الإنسانية التي عانت كثيراً والتي لها الحق في السعادة. إنّ احتجاجي الملتهب ليس سوى صرخةٍ من أعماق روحي. فليتجرأ أحد على إحضاري إلى محكمة الجنايات، وليجري التحقيق في وضح النهار!

 

إني أنتظر.

 

ملاحظة: الفقرات الأربع الأولى وخاتمة هذا المقال مستعارة ومستوحاة من نص إميل زولا "إني أتهم"، المنشور في 13 كانون الثاني/ يناير 1898 على الصفحة الأولى من صحيفة  L’Aurore "الفجر" الباريسية اليومية.

 


:لغات أخرى

Français

Español

Portugués